الشباب نيوز

مقالات

ما أشبه اليوم بالأمس

ياسر مكى -


زار ترامب مؤخرا بعض دول الخليج العربي وطلب من إحداها ٥٠٠ مليار دولار فأعطوه ٦٠٠ ودولة أخرى ستعطيه ترليون وتسارع الباقين في العطاء والسخاء ليدخلوا سباق المزاد على كسب الود الكاذب من ترامب الذي سرعان ما سيكشر عن أنيابه ويطلب المزيد والمزيد منهم والذي لا قبل لهم به لينقلب السحر على الساحر ويخسر العاطي ثرواته ويطعن حينها في اعز ما يملك
وفي الوقت نفسه طلب ترامب من مصر تقديم تسهيلات لامريكا باستثناء سفنها وبواخرها من دفع الرسوم أثناء مرورها بقناة السويس إلا أن القيادة المصرية الواثقة القوية رفضت رفضا قاطعا هذا الطلب وقبلها رفضت بشدة مطالبات تهجير أهل غزة ودافعت عن موقفها بكل إباء وعزة ودعت لعقد مؤتمرات للقمة العربية وتوحيد الصف العربي ولكن نداءاتها لم تلقى قبولا لتقف كعادتها لوحدها
هذا هو اليوم أما الأمس عندما غزا التتار بلاد الشرق ولم يسلم منهم بلاد العرب وعاثوا في الأرض الفساد وانتهكوا الأعراض وقتلوا الرجال والشباب وتخاذل الملوك والأمراء حتى سقطت بغداد مركز الحكم والامارة والملك ومعها سقط بنو العباس وكبيرهم المستعصم الذي استسلم وضعف وسلم الكنوز والنفائس

والمقتنيات الثمينة وأخبر التتار بمخابئها ظنا منه أنه سينجو منهم ولكن ما انتهى قائدهم من الاستيلاء على الثروات أخذ الجميلات من الاميرات والسبايا والجواري الحسان حتى أمر جنوده بوضع المستعصم ملك العرب وكبيرهم في جوال من الخيش الخشن وأمر الجنود بركله بأقدامهم حتى الموت امعانا منه إيقاع الذل عليه والحط من قدره ثم واصلوا تجولهم في مدن الشام وفلسطين فاخضعوها جميعآ واستباحوا مدنها وقتلوا أهلها
وحينها كانت مصر الوحيدة التي قاومت التتار ولم تدخلهم أرضها حتى لا تدنسها أقدامهم بل خرج إليهم الأمير قطز ومعه المصريون إلى الحدود في عين جالوت وقاتلوا بكل بسالة وفداء وعزيمة واصرار طالبين النصر أو الشهادة في سبيل الله والوطن حتى نالوا ما أرادوا وقضوا على جيش التتار المعتدي والحقوا به هزيمة ولقنوه درسا لا ينسى
حدثت هزائم بلاد العرب رغم تحذيرات مصر لملوكهم وامرائهم وطلبها منها توحيد الصف لمنع العدوان التتري إلا أنهم لم يستجيبوا فشربوا من كؤوس الخزي والعار والهزيمة وبقيت مصر
هذا هو اليوم وذاك كان الأمس وتلك هي مصر الثابتة الشامخة القوية التي تتغير مواقفها ولم تتخلى عن عروبتها رغم الضغوطات والمؤامرات التي تحاك ضدها وهؤلاء هم العرب الذين تهاونوا في حقوقهم وتخلوا عن عروبتهم ولم يستفيدوا من دروس الماضي ولم يعطوا مصر قدرها
فما أشبه اليوم بالأمس وما أقرب الحاضر بالماضي