الشباب نيوز

مقالات

الأيدي العارية ...في غزة يصنع المجد

أحمد يوسف -


في قلب غزة المحاصرة، وبين ركام البيوت ورائحة البارود، يولد كل يوم جيل جديد من المقاومين، لا يحملون سوى إيمانهم، وحبهم لأرضهم، وشعورهم العميق بالمسؤولية تجاه قضيتهم. ورغم قلة العتاد وضخامة الآلة العسكرية التي تواجههم، يثبت المقاوم الفلسطيني أن النصر لا يُقاس بما في اليد، بل بما في القلب من إصرار.
إن أول ما يمنح المقاوم الفلسطيني هذه العزيمة الصلبة هو عقيدته الراسخة. هو لا يقاتل من أجل حدود أو مصالح مؤقتة، بل من أجل عقيدة تؤمن بأن الأرض أمانة، وأن الدفاع عنها شرف. يستمد من دينه القوةو الصبر والثبات. في ذهنه، الشهادة ليست نهاية، بل بداية حياة أبدية كريمة، وهو يرى أن مقاومته هي الطريق الوحيد لبقائه ووجوده.
المقاوم في غزة لا يحتاج إلى من يذكّره بقيمة الأرض، لأن حب الوطن يسري في دمه. هذه الأرض التي وُلد فيها، وعاش طفولته على ترابها، ويرى فيها وجه أمه وصوت أذان الفجر في المساجد القديمة، لا يمكن أن يتخلى عنها. كل شبر فيها محفور في وجدانه، وكل زيتونة فيها تمثل جزءًا من ذاكرته. هذا الحب العميق يجعله مستعدًا لأن يدفع أغلى ما يملك من أجل أن لا تُدنس أرضه.
ورغم أن العالم يشاهد المجازر، ويصمت، بل ويبرر أحيانًا ظلم المحتل، فإن إحساس المقاوم بأن العالم لا يسانده لا يضعفه، بل يزيده عنادًا وتمسكًا بالقضية. هو يدرك أن طريقه لن يكون مفروشًا بالدعم الدولي أو القرارات العادلة، بل عليه أن يصنع النصر بيديه، وأن يكون هو الصوت الذي يعلو عندما يسكت الجميع. شعوره بالخذلان يحوّله إلى وقود إضافي يدفعه إلى الصمود، لا إلى التراجع.
وقد تبدو المواجهة بين مقاوم يحمل بندقية قديمة ودبابة حديثة أمرًا غير متكافئ، لكن على أرض الواقع، الإرادة تفوق السلاح. لقد فشل المحتل رغم تفوقه التكنولوجي في كسر شوكة المقاومة، لأن ما يواجهه ليس فقط رجالاً، بل أمة حية نابضة. في كل مرة يُقصف فيها منزل، يولد مقاوم جديد من تحت الأنقاض، يحمل الراية، ويكمل الطريق.
بسالة المقاوم الفلسطيني في غزة ليست معجزة، بل نتيجة طبيعية لعقيدة راسخة، وحبٍ عميق للأرض، وشعوره بالخذلان حوّله إلى قوة دفع. إنها قصة الإنسان حين يتجاوز حدود المستحيل، ويُثبت أن من يملك الإيمان والحق لا يمكن أن يُهزم، ولو اجتمع عليه العالم كله.