تغير المناخ والطقس المتطرف اين نحن الان

كتبت دانة حبوب
المقدّمة
العالم يعيش مرحلة مناخية استثنائية: سنة 2024 سجّلت رقماً قياسياً في درجات الحرارة العالمية، والطقس المتطرّف — من موجات حرّ شديد، إلى حرائق واسعة، أعاصير وفيضانات مفاجئة — صار يحدث بتواتر وشدّة أعلى. التأثيرات تتجاوز الخسائر المادية لتطال الأمن الغذائي، الصحة العامة، وإجبار أعداد متزايدة من الناس على النزوح.  
أبرز الحقائق التي يجب أن يعرفها القارئ الآن
• 2024 كان الأحرّ في السجلّات: المُعدّلات السنوية لحرارة سطح الأرض عام 2024 بلغت نحو 1.55°C ± 0.13 فوق فترة ما قبل الصناعة (1850–1900) — ما يجعل 2024 العام الأكثر دفئًا في سجلّات المراقبة العالمية. هذا الرقم يضعنا أقرب إلى حدود الاحترار التي تحذّر منها اتفاق باريس. 
• الطقس المتطرّف يتكثّف ويزداد تأثيره: تقارير ومنظمات عالمية تُظهر أن موجات الحرّ، الجفافات المركّبة، الأعاصير الشديدة، وفيضانات الحضَر والريف ارتفعت في الشدّة والتكرار خلال العقد الماضي، مع حالات تراكب تُفاقم النتائج (مثل الجفاف الذي يُضعف الأراضي ثمّ عاصفة مفاجِئة تُحدث فيضانات). هذا الرابط بين الأحداث القصوى والاحترار مدعوم بالعلم الدولي.  
• انبعاثات الغازات الدفيئة في تزايد ولا تُواكب التعهّدات: سجّلت الانبعاثات العالمية رقماً قياسياً جديداً (حوالي 57.1 غيغاطن مكافئ CO₂ عام 2023)، ما يعني أن المسار الحالي لا يلتقي بالمسار المطلوب للحدّ إلى 1.5°C دون إجراءات عاجلة وحقيقية. 
• العوامل المناخية الكبرى تتقاطع مع أنماط طبيعية (ENSO): التوقعات في 2025 تُشير إلى احتمال عودة ظاهرة لا نينيا بنهاية العام، وهو ما يغيّر توزيع الأمطار والعواصف ويؤثر مثلاً على موسم الأعاصير في الأمريكتين وأوروبا الشمالية. هذا يجعل التنبؤ بالأحداث المتطرّفة وإدارة المخاطر أصعب في عالم أكثر دفئًا.  
أمثلة حديثة للطقس المتطرّف وتأثيراته
• موجات حرّ في أوروبا وشماليّ أوروبا (صيف 2025): صيف 2025 سجّل موجات حرّ قاربت أو تجاوزت 40°C في مناطق لم تعتد على هذه القيم — ما أدّى إلى حرائق غابات واسعة، ازدحام مستشفيات بسبب ضربة الشمس، وإجراءات استثنائية في المدن (فتح مسابح عامة مجانًا، حظر العمل في ساعات الذروة). تحليلات ارتباط حدث-مناخي أظهرت أن الاحترار الناتج عن الأنشطة البشرية زيّن من شدة تلك الموجات. 
• حرائق وغلاثات بحرية أقلقّت مناطق متوسطيّة وبحرية: ارتفاع درجات سطح البحر ودرجات حرارة المياه يُسهِم بظواهر بيئية مثل تكاثر الطحالب السامة وتوتر مصايد الأسماك، إلى جانب زيادة قابلية الأراضي للاشتعال. 
• الأخطار المركّبة وتأثيرها على الفئات الضعيفة: تقارير WMO وأجهزة الإغاثة الدولية أشارت إلى أن موجات الطقس المتطرّف تُفاقم الأزمات الإنسانية القائمة (أمن غذائي، نزوح داخلي، اختلال سلاسل الإمداد)، خصوصًا في البلدان ذات البنية التحتية الضعيفة.  
ماذا يقول العلم؟ وما هو الرابط السببي؟
التقارير الأساسية (IPCC وWMO ووكالات وطنية مثل NOAA) تُجمع على نقطة مركزية: الاحترار العالمي المدفوع بالغازات الدفيئة يجعل بعض أنواع الظواهر الجوية (موجات الحرّ، أمطار غزيرة معينة، ارتفاع مستوى البحر والعواصف البحرية) أكثر شدّة وتكرارًا. النتيجة العملية: ما كان يُعتبر “حادثًا استثنائيًا” في الماضي قد يصبح حدثًا متكررًا مستقبلاً.  
ماذا يعني هذا للمواطنين والسلطات المحلّية؟
1. الاستعداد والتكيّف أصبحا ضرورة: استثمار في أنظمة إنذار مبكر، شبكات مياه احتياطية، مخططات إخلاء فعّالة، وبرامج رصد للصحة العامة خلال موجات الحرّ.
2. حماية الفئات الضعيفة: كبار السن، الأطفال، العمّال في الهواء الطلق، والمجتمعات الساحلية بحاجة إلى سياسات وقائية طوارئ. 
3. التخفيف عن طريق خفض الانبعاثات: المسارات العلمية واضحة — تحويل الطاقة إلى متجددة، كبح انبعاثات الفحم والنفط والغاز، وتبني سلاسل إنتاج أقل انبعاثًا إن لم نرد بلوغ سيناريوهات درجات حرارة أسوأ.  
خاتمة وتوصيات
• راقبوا التحذيرات المحلية، اتخذوا إجراءات بسيطة (تجنّب التعرض للشمس في ساعات الذروة، تأمين إمدادات ماء وكهرباء احتياطية إن أمكن)، واطلبوا من ممثليهم اتخاذ سياسات مناخية جريئة.
• تسريع قوانين تخفيض الانبعاثات وتمويل بنية تحتية مرنة للصمود المناخي