الاتفاق التجاري بين الصين والولايات المتحدة ماذا جري وماذا يعني للاقتصاد العالمي

كتبت دانة حبوب
في 2025 شهدت العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وبكين تحوّلات ملموسة: هدنة جمركية مؤقتة، محادثات متواصلة على مستوى وزاري وسياسي، وضغوط متبادلة على قضايا حسّاسة مثل رقابة الصادرات للرقائق المتقدّمة. الاتفاقات المرحلية تُنقذ سلاسل التوريد القصيرة الأجل وتؤجّل تصاعد الرسوم إلى ما بعد موسم التسوّق، لكنها تترك قضايا استراتيجية أعمق (التحكم في تقنيات الذكاء الاصطناعي والرقائق، والحواجز غير الجمركية) دون حل نهائي.  
ماذا اتفقا عليه عمليًا؟
1. تمديد هدنة التعريفات الجمركية: في أغسطس/آب 2025 مدّت الولايات المتحدة والصين «هدنة» للتعريفات الجمركية لمدة 90 يوماً، ما أبطأ خطة لرفع الرسوم بدرجات كبيرة وأبقى التعريفة السائدة مؤقتًا عند مستوى أقل من التصعيد المقرّر. الهدف المعلن: حماية سلاسل التوريد والاقتصاد خلال موسم التسوّق السنوي وإنهاء التصاعد الفوري للتكاليف على المستهلكين والشركات.  
2. اتفاقات مرحلية ومذكرات نوايا: على مستوى السنتين (مايو/أيار — أغسطس/آب 2025) صدرت بيانات مشتركة (Geneva Joint Statement وStockholm joint statement) تضمّنت التزامًا بتعليق أو تعديل بعض الأوامر التنفيذية الجمركية و«تعديل» إجراءات متبادلة من الطرفين خلال فترات زمنية محددة، مع دعوة لمواصلة المفاوضات وصولاً إلى اتفاق أكثر شمولاً. 
3. قضايا الاستثناءات التقنية (رقائق الـ HBM وما يخصّ الذكاء الاصطناعي): أحد أهم بنود الخلاف هو التحكم الأمريكي في تصدير رقائق الذاكرة والأدوات اللازمة لصناعة وحدات معالجة الذكاء الاصطناعي (HBM وغيرها). بكين طالبت بتخفيف ضوابط التصدير كجزء من الاتفاق، بينما واشنطن توازن بين مصالح السوق والاستجابة لمخاوف الأمن القومي والتفوّق التقني. هذه النقطة تبقى محورًا لمفاوضات حاسمة.  
لماذا هذا الاتفاق مهمّ؟
• تجنّب تصعيد اقتصادي فوري: تأجيل التصعيد الجمركي يقي الشركات من تكاليف فورية على المستوردين وتخفيف صدمات الأسعار للمستهلكين، خصوصًا قبيل موسم العطلات في الولايات المتحدة. 
• منح الوقت للمفاوضات التقنية والسياسية: بعض الملفات التقنية (مثل تصدير رقائق متقدّمة وتقنيات تصنيع) تحتاج وقتًا وقرارات تشريعية/تنظيمية في واشنطن وبكين. الهدنة تمنح مساحات تفاوضية. 
• إشارة إلى رغبة متبادلة في ضبط التوتر الاقتصادي: رغم التنافس الاستراتيجي، يفضّل الطرفان عدم تعطيل التجارة بكثافة لأن ذلك ينعكس سلبًا على اقتصاداتهما المحلية وسلاسل القيمة العالمية. 
التحدّيات والقيود — ما الذي لم يُحلّ بعد؟
1. قضايا الأمن التقني والرقابة على الصادرات: الولايات المتحدة تعتبر التحكم في صادرات تقنيات متقدّمة (خاصة ما يخدم الذكاء الاصطناعي) جزءًا من استراتيجيتها الأمنية؛ أي تخفيف قد يواجه معارضة داخلية في واشنطن. 
2. الحواجز غير الجمركية وممارسات السوق: الصين ترفض بعض ضوابط الاستثمار والقيود التي تضعها الولايات المتحدة على شركاتها، بينما تطالب بحقّ الوصول إلى أسواق أمريكية عدّة. هذه خلافات تجارية تجارية مؤسسية لا تُحلّ بسهولة ببيان مرحلي. 
3. المخاطر السياسية والانتخابية: أي تنازلات واسعة قابلة للاستغلال سياسياً داخل الولايات المتحدة، خاصة أنّ السياسات التجارية في 2025 متأثرة بجدول انتخابي وموازين قوى داخلية. 
تداعيات محتملة على الاقتصادات والأسواق
• خفض مؤقت للضبابية في سلاسل التوريد: الشركات ستحظى بمزيد من اليقين قصير الأمد لتخطيط المخزون والتوريد قبل موسم البيع النهائي. 
• تقلب عند النقاط الفنية (الرقائق والـ AI): أي تقدّم في تخفيف ضوابط التصدير قد يسرّع وصول موارد متقدّمة إلى الصين ما يؤثر على سوق رقائق الـ AI عالمياً، بينما إصرار واشنطن على القيود قد يدفع بشركات صينية للاستثمار في بدائل محلية بوتيرة أسرع.  
• توازن تجاري متغيّر: بيانات رسمية أظهرت تقاربًا أو تراجعًا جزئيًا في العجز التجاري مع الصين في بعض الفترات الأخيرة، لكن هذه الأرقام عرضة للتقلب بسبب السياسات المؤقتة. 
توصيات لمختلف الجهات
• للسلطات التجارية والحكومات المحلية: استثمروا في برامج مرنة لإدارة سلاسل التوريد، وساهموا في منصات معلومات للشركات الصغيرة والمتوسطة لتفهم التغيرات الجمركية. 
• للقطاع الخاص: خطّطوا لبدائل الموردين، واستخدموا الهدنة الزمنية لتثبيت عقود الشراء والتفاوض على أسعار الشحن. 
• للباحثين والصحفيين الاقتصاديين: راقبوا عن كثب تطورات بنود التصدير التقني — فهي المؤشر الأوضح على طول أو قصر عمر الاتفاق المرحلي.