رئيس مجلس الإدارة عصام بداري رئيس التحريرمحمود العسيري

مقالات

هناالقاهرة (السيادة لا تساوم)

هناالقاهرة (السيادة لا تساوم)
تابعنا جميعا في اليومين الماضيين زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الي الخليج العربي والتي شملت السعودية وقطر والإمارات..والتي أعلن فيها عن حزم من الصفقات التجارية والعسكرية بين هذه الدول والولايات المتحدة وصلت إلي أرقام غير مسبوقة وأعتقد أنها لن تتكرر مرة أخري .في نفس الوقت شملت هذه الزيارة وعلي إستحياء بعض التصريحات حول غزة ولقاء للرئيس الأمريكي والرئيس السوري وبعض التصريحات والرسائل خاصة بالملف الأيراني . في ذات الوقت رأي البعض أن هذه الزيارة تحمل تهميشا للدولة المصرية وزيادة في الضغط علي الحكومة المصرية من خلال التلميح بوجود بدائل استراتيجية أكثر مرونة وتجاوب مع واشنطن يمكن التعويل عليها في تنفيذ الرؤية الأمريكية واستراتيجياتها لتحقيق مصالحها في المنطقة.
ولا يخفي علي أحد التوتر القائم في العلاقات المصرية الأمريكية في الفترة الأخيرة والذي بدأ برفض القاهرة القاطع والصريح لخطة ترامب لتهجير الشعب الفلسطيني وحشد مصر كافة جهودها السياسية والدبلوماسية لمحاربة هذا المقترح وهو ما نجحت به القاهرة وإتضح من خلال تصريحات الرئيس الأمريكي نفسه عن استحالة تنفيذ هذا المقترح كما أن الموقف المصري من الملف الأيراني ورفضها الانضمام الي المحور الأمريكي الخليجي في هذا الملف ووقوفها علي الحياد فيه وتباين وجهة النظر المصرية مع الأمريكية في قضايا المنطقة في ليبيا والسودان وسوريا كل ذلك أدي إلي زيادة التوتر ومحاولة الولايات المتحدة الضغط علي مصر لا معاملتها كشريك استراتيجي وحليف قوي في المنطقة .
ولكني أعتقد أن القارئ لهذه المناوشات السياسية والمناورات الدبلوماسية بين مصر والولايات المتحدة سيدرك أن مكاسب مصر سياسيا وإستراتيجيا اعلي بكثير .فأولا وقبل كل شئ فأن الموقف المصري يؤكد علي استقلالية القرار الوطني المصري ورفض كل الضغوط وإصرارا علي صياغة مصر لخياراتها وسياستها بعيدا عن أي إملاءات خارجية وهو ما يعزز ويؤكد صورة مصر كدولة قوية ذات سيادة حقيقية وليست تابع لأي محور دولي.كما
أظهر قدرة مصر علي تنويع تحالفاتها عبر تعزيز وتقوية علاقاتها مع قوي أخري كروسيا والصين كشريك وقوة مؤثرة وهو ما يخفف من الهيمنة الغربية ويعطي لمصر مساحة أكبر للحركة والمناورة السياسية ويساهم في بناء سياسة خارجية أكثر توازنا وإستقلالية. رفض مصر التبعية الامريكية وتقديم الثوابت الوطنية والمصالح الوطنية عزز ثقة المواطن المصري بقيادته السياسية وخلق حالة من الأصطفاف الوطني بين مختلف التوجهات المصرية وهو ماقوي الجبهة الداخلية المصرية.
الموقف المصري لا يعني القطيعة مع الإدارة الأمريكية بل عن استقلال القرار المصري وإرساء لمبدأ توافق وتوازن المصالح بينهما بما لا يضر بالأمن القومي المصري وثوابته الوطنية ودوره التاريخي عربيا وإسلاميا وليس تهافت علي الدخول في العباءة الأمريكية والأختباء خلفها.
لذا كان الصوت المصري عاليا وواضحا وبلسان مصري مبين وهو يعلن أن المصلحة الوطنية المصرية والخيارات الأستراتيجية للدولة هي حق من حقوق السيادة لا يقبل المساومة أو الأنصياع لأية ضغوط وكما قال السياسي الانجليزي المخضرم ونستون تشرشل ( الدولة التي لا تملك قرارها- لن تستطيع أبدا أن تحمي مصالح شعبها)

الصحة