قانون الأيجار وعلاج العرض لا المرض

لا جدال في أن مشروع تعديل أحكام قانون الأيجار القديم هو واحدة من أعقد الأمور وأكثرها حساسية فأن ممثلي الشعب بمجلس النواب والحكومة يجدون أنفسهم بين شقي الرحي بين مستأجر يسلب منه مسكنه وإستقراره وإن شئت فقل حياته الأجتماعية كاملة وبين مالك أصبحت ملكيته حبرا علي ورق وحرم من الأستفادة منها اقتصاديا في وقت يعاني فيه الجميع إقتصاديا.
وعلي الرغم من سروري وسرور الكثير بهذا النقاش والصراع التشريعي داخل أروقة مجلس النواب والذي أعاد لنا صورة طالما حرمنا منها لسنوات للجدل والنقاش بين نواب الأحزاب والمستقلين وكل يدافع عن وجهة نظره ورؤيته تجاه التعديل. إلا أن المتابعة تظهر لنا صورة أخري من قصر النظر في معالجة الأمر والبحث عن علاج للعرض وليس المرض فباتت محاولة التعديل محاولة عوراء تنظر إلي الموضوع من جانب وحيد لا محاولة اجتثاث المشكلة من جذورها .
فما هي الأسباب التي تجعل المستأجر متمسك بالبقاء في مسكن هو في الغالب الأعم قديم لم تمتد له يد التطوير أو الصيانة منذ عشرات السنين ... وما الذي يدفع المالك للتمسك بطرد المستأجر وعدم القبول بأي زيادة أو مدة إنتقالية؟؟
الأجابة وأصل الداء في قانوني الأيجار معا القديم والحالي ( قانون ٤لسنة ١٩٩٤) فأهم وأخطر مشاكل قانون الأيجار القديم هو قانون الأيجار الحالي والذي حرر العلاقة بين المالك والمستأجر فلم يربطها بمدة أو يضع سقف أو تدرج للقيمة الأيجارية .. فنحن نتناقش ونتجادل عن طرفي علاقة إيجارية قديمة وأي ماكان عددهم ونسبتهم فأنهم كعدد أقل بكثير من ملايين يعانون من جور وانحياز القانون الحالي للمالك.
المستأجر في القانون القديم يعلم أنه حال انتهاء علاقته الأيجارية سيبدأ رحلة طويلة من التنقل من عقار لعقار .. ونقل اثاثه وأبنائه من منطقة الي أخري كل بضع سنوات ..ويعلم يقينا أنه لن يجد مسكن يتناسب مع دخله والمعلوم الأن أن ايجار المسكن يبتلع من ٦٠٪ الي ٧٠٪ من الدخل إذا سلمنا بأن الحد الأدني للدخل هو سبعة آلاف جنيه بدون أي إستقطاعات..ويعلم المالك علم اليقين أنه سيؤجر مسكنه بالرقم الذي يريد والفترة التي يريد ..
اذا فالمعضلةوالمرض يكمن في قوانين الأيجار مجتمعة لا مفردة.
واذا أردنا الحل فيجب أن نقدم مشروع قانون موحد للإيجار يضبط العلاقة بين المالك والمستأجر ويراعي التوازن بينهم إقتصادياو اجتماعيا ويطبق علي الجميع .
إن الدستور المصري ينص في مادته ٧٨ علي أن تكفل الدولة للمواطنين الحق في السكن الآمن والصحي والملائم - ودور المشرع هو سن القوانين التي تعالج مشاكل المجتمع بل وتقف حائلا دون حدوثها وتنظيم الواجبات والحقوق لذا يجب أن ينظر المجتمع الي هذه المشكلة نظرة شاملة تعالجها دفعة واحدة لا معالجة العرض وترك المرض أو النظر إليها بنظرة عوراء تنتصر لفئة وتترك السواد الأعظم يعاني من وطئ نفس المشكلة بصورة أخري.